”كتابXفيلم”.. الكوميديا السوداء من رحم الواقع في ”أرض النفاق”
الأكثر مشاهدة
في عالم يضج بالضوضاء والمشكلات العامة والخاصة ووسط الزحام اليومي في دومات الحياة وروتين العمل ما الذي يمكن أن يكون مرضيًا لعقلك وروحك أكثر من صحبة كتاب جيد، تسير في دروبه مع شخصيات جديدة وعوالم مختلفة وحقب تاريخية متنوعة، لا شيء يمكنه جعلك تحيا أكثر من حياة سوى القراءة. فالقراءة رياضة نفسية وعقلية، تمرن تلافيف العقل وتؤنس حشايا القلب والروح، وقد قالت بعض الدراسات الحديثة بأثرها المهدئ للأعصاب، فلا تحرم نفسك صحبة كتاب جيد لبعض الوقت يوميًا .. والقراءة بصحبة من تحب توطد العلاقات والروابط الاجتماعية والنفسية وتعطي بعدًا عميق فيها
هنا سيكون لنا لقاءات نقترح لكم فيها نوع من الأدب وهو فن الرواية وخصوصًا تلك التي تحولت لأعمال درامية، ننصح بقراءة الرواية أولًا ثم مشاهدة العمل الفني لتحفيز عمل المخ في الخيال وعدم تحجيمه بما شاهدت.
يمكن لصانع السينما أن يبكي الجمهور بسهولة لكن حينما يتعلق الأمر بالإضحاك مع مراعاة العمق الدرامي بالمهمة صعبة، هذا ما كان يتوجب على مخرج فيلم "أرض النفاق" فطين عبد الوهاب و الكاتب سعد الدين وهبة في واحد من أبرز أعمال الراحل فؤاد المهندس عن رواية يوسف السباعي الصادرة عام 1949، ليصبح الفيلم الصادر عام 1968 لوحة تتحدى الزمن وجوهرة سينمائية يزيدها الزمن بريقًا خصوصًا مع استمرار الوضع على ما كان عليه.
"يا أهل النفاق !! تلك هى أرضكم .. وذلك هو غرسكم.. ما فعلت سوى أن طفت بها وعرضت على سبيل العينة بعض ما بها.. فإن رأيتموه قبيحا مشوها، فلا تلوموني بل لوموا أنفسكم.. لو موا الأصل ولا تلوموا المرآة. أيها المنافقون !! هذه قصتكم، ومن كان منكم بلا نفاق فليرجمني بحجر."
الرواية مصنفة ضمن الأدب الاجتماعي تدور أحداثها في مجتمع خيالي يستمد خصاله من الواقع، رافق صدورها هي والفيلم على السواء أحداثًا سياسية كبرى فمثلا إسقاط من نوع ما، صدرت الرواية بعد عام واحد من إعلان قيام دولة المحتل الصهيوني على الأراضي الفلسطينية "عام النكبة"، أما الفيلم فقد تلا حرب عام 1967 التي احُتلت سيناء وغزة والضفة والجولان السوري على إثرها.
مشاهد الفيلم ماتزال أيقونات للسخرية من جوانب كثيرة في الحياة الاجتماعي في الحديث عن الشرف والطرق الملتوية للوصول للمناصب، النفاق والواسطة وكذلك الواقع السياسي الذي صوره مشهد المؤتمر الانتخابي لصاحب المنصب الكبير "مسعود أبو السعد" الذي وصل له عن طريق التزلف الدائم وهو يخلع بذلته الأنيقة ليرتدي زيّ الموظفين من الطبقة الدنيا ويقف أمام أهل منطقته يستعطفهم ويبث فيهم الوعود وكأنه ملح الأرض وابن الطبقة الفقيرة، حتى يبكي الشخص الذي كان يراه كاذبًا في البداية ويهتف الجميع "عاش الفقير مسعود".
"قد عالجوا مرض الشعب باللجان والاجتماعات وقضوا علي جوعه وفقره ببضعة مطاعم وولائم وعلي جهله بالوعود والأمنيات"
مشهد آخر لا يقدر المصريون على نسيانه في كل مرة يستوقفهم الروتين اليومي اللا نهائي للمصالح الحكومية، فيصرف الموظف البيروقراطي عويجة أفندي 400 جنيه بسبب فقدان "شنكل" تبلغ قيمته 44 مليم لأنه لا يجب "أن يترك المغتصب ينعم ب44 مليم بدون وجه حق، العدالة لازم تاخد مجراها".
الكاتب
ندى بديوي
الخميس ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا